لا يزال واقع الملكية التقليدية للأراضي في موريتانيا يعيق تطبيق الأمر القانوني رقم :127-83 الصادر بتاريخ : 5 يوليو 1983 والذي ألغى نظام الملكية التقليدية للأراضي في موريتانيا التي لا تصنف كدولة ثورية، الشيء الذي أحدث تناقضا بين الواقع والقانون كان من أسباب شلل عملية التنمية.
فالدول الثورية وحدها هي التي تلغي نظام الملكية التقليدية كما تلغي نظام الإرث في إطار كناستها لآثار الإقطاعية المتجبرة التي عاثت بها فسادا .
فهل تم تمليك الأراضي التي كانت مملوكة ملكية تقليدية و المصادرة بموجب هذا الأمر القانوني لأصحاب المهن المتوارثة من العمال الذين ولدوا على تلك الأرض واستغلوها كما استغلها آباؤهم وأجدادهم؟ أم تم تمليك تلك الأراضي لمن مات آباؤهم في الدفاع عنها؟ ، أم أن تلك الأراضي منحت للفقراء ؟
والجواب: أنها منحت لغير هؤلاء ولمن لا تربطهم بهم صلة طولا لحاجات خاصة للدولة !!!
ولما كانت الملكية العقارية تقتضي توفر إذن من السلطان، فذلك دليل على أن الأراض لا يمكن تملكها إلا إذا وجد من يدافع عنها ويحميها من العدوان، ولا يتصور أن يحميها ويستميت في الدفاع عنها إلا من ارتبط بها تاريخيا أو ارتبطت بتاريخ أجداده ، ما يقتضي الإعتراف بحقوق خاصة لأصحاب الملكية التقليدية على غرار ما هو موجود في دول كثيرة من العالم بما فيها بعض دول الجوار.
وبما أن أغلب أنواع الملكية التقليدية للأراضي في موريتانيا يعتبر القبائل المحاربة أو الإمارات هي الدولة والتي يتنازل الأمير أو آمجار باسمها عن اقتطاع لقبيلة زاوية بشروط معينة ثم تقوم تلك القبيلة بمنح رخصة استغلال هذا الإقتطاع لعوائل معينة وبشروط معينة كذلك، فإن تلك الحقوق المكتسبة ينبغي احترامها بإعطاء كل ذي حق حقه أو بالتعويض له على أسس منصفة.
ومعروف أن هذا النظام أقره الإستعمار الفرنسي بالنسبة للمناطق التي بايعه أمراؤها ورسم حالات منه بحيث تكون الدولة الفرنسية هي الطرف الأعلى في نظام الملكية المذكور يليها في التدرج من بايعها من العرب ثم أبقت بقية التدرج السالف على حاله، والذي يتأسس عليه هو الآخر نظام للجباية يستقي قواعده مما هو نصي أحيانا ومما هو عرفي في أحيان أخرى.
وقد تعاملت دولة الإستقلال بتحفظ كبير مع هذا الواقع في الوقت الذي دعمت الفلاحين والطبقات العاملة الأخرى وشجعهم على توجيه أبنائهم إلى الجمع بين العمل والتعلم حتى يغيروا واقعهم بأنفسهم .
ثم جاء الأمر القانوني رقم : 27-83 سالف الذكر والذي اصطدم بالواقع كما ذكرنا حين انحرف تطبيقه نحو استحداث اقطاعيات لا جذور لها في التاريخ بدل إنصاف العمال والملاك التاريخيين لتلك الأراضي.
تلك الأخطاء الفادحة ضيعت الكثير من الحقوق وخاصة حقوق الطبقتين العاملة والمحاربة التين لولا جهودهما لما كان لتك الأرض أي وجود ولا أهمية، كما أدى هذا القانون إلى خلق معوقات للتنمية.
ولهذا فإنني أطالب بإصلاح عقاري جدي يزيل معوقات التنمية و يحفظ لأصحاب الحقوق حقوقهم التاريخية المكتسبة.