بسبب جمر الفقر والتردي الاقتصادي...القيم تنهار ... فهل تتدخل الدولة ... وتطلق صفارات الإنذار على منابر الجمعة ( خاص )

اثنين, 03/01/2021 - 22:10

السبيل – نواكشوط ...... ظل المجتمع الموريتاني حتى وقت قريب مزينا بالقيم النبيلة: «القناعة، الرضا، النخوة، الشرف، العمل الجاد، احترام الكلمة، الحفاظ على القانون، حب الجمال، الإيمان بالمساواة والعدالة الاجتماعية»، وغيرها من الفضائل التى كانت تزيد أبناء المجتمع تماسكا وتراحما وثقة فى الذات والآخر وتغذى فيهم الإحساس بالطمأنينة والأمن والأمان. 

كان من الصعب أن يسيء الجار إلى جاره أو يتنكر الصديق لصديقه أو يتجرأ الابن على أبيه أو يهوّن الزوج فى عين زوجته أو يخون المواطن وطنه، كان من الصعب أن تجد ثريا لا يساعد فقيرا، أو كبيرا يستفحل على صغير، أو شيخا يتاجر بالدين، أو لصا يتحرك فى وضح النهار، الكل يعرف ما له وما عليه.

لكن ولأسباب كثيرة يحدث الخلل فى منظومة القيم وتكاد تنهار الأخلاق، خاصة مع منتصف تسعينيات القرن الماضى، مما أدى لحدوث صراع مروع بين التمسك بالقيم والتمسك بالمال، بين الحفاظ على اللغة والتراث والتاريخ أو الذوبان فى كل ما هو أجنبى باعتباره المصدر الأعلى للدخل، ولأن المادة باتت هى الغاية ولظهور أثرياء سكنوا الفلل والقصور وركبوا أفخم السيارات ولبسوا أجود أنواع الملابس وأكلوا وشربوا وعاشوا كالملوك - رغم أنهم كانوا صعاليك حتى وقت قريب - فقد حسم الأمر وفتحت شهية الكثيرين لبلوغ الثروة بأى طريقة ومن أى مصدر مشروع أو غير مشروع، فالذى يمتلك الآلاف يريد الملايين والذى يمتلك الملايين يريد المليارات، حتى لو باع الخدمات المجانية وتقاضى الرشوة وبنى أبراج الموت وتاجر فى المخدرات وتهرب من الضرائب وحصل على قروض دون ضمانات واستورد الأغذية الفاسدة ومارس الاحتكار وتسريب مكالمات المواطنين وخصوصياتهم ... إلخ.

التراجع الحاد فى الكثير من القيم مثل قيمة العلم وقيمة العمل وقيمة التدين وقيمة الجمال وقيمة الأمانة.

غياب دور الأسرة خاصة فى الاهتمام بالقيم الدينية والخلقية وانشغالها بالكسب المادى من أجل تلبية حاجات أفرادها، وكذلك غياب التخطيط الحكومى فى تنمية الشباب خلقيا وفكريا.

أسباب كثيرة هدمت ثوابت الموريتانيين وأفقدتهم الثقة فى بعضهم البعض وجعلتهم يشكون فى أى شىء، أسباب كثيرة كادت تعزل شرائح المجتمع الموريتاني وتجعل كل شريحة منها وكأنها عالم فى ذاتها وتسىء لسمعة الموريتاني فى الخارج وتحولهم من شعب كان مسلحا بالنبل والشهامة والانتماء للوطن إلى شعب مادى منفلت متمرد تآكلت منظومته القيمية والأخلاقية، فهل نصبر على هذا الانهيار القيمى حتى تنهار الدولة الموريتانية؟ يقول أمير الشعراء أحمد شوقى:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.

فهل تدق الدولة اليوم ناقوس الخطر من خلال توحيد خطب الجمعة حول موضوع التمسك بالقيم والأخلاق الإسلامية تحصينا للمجتمع وضمانا للقضاء على الإنحراف الأخلاقي