قطاع العدالة: جهود ملموسة لتحقيق التعهدات.. ومنصة من منصات الإقلاع الوطني

خميس, 08/05/2021 - 14:30

يشكل اصلاح المنظومة العدلية دعامة اساسية لتوطيد الشفافية و المصداقية وبناء 

الديمقراطية الحقة، ولذا ليس من الغرابة أن يحظى بمكانة سامقة في تعهدات فخامة رئيس 

الجمهورية الذي تعهد منذ اللحظة االولى بــ: السهر "على أن تتمتع المنظومة العدلية 

بكافة مقومات االستقالل الفعلي وعلى تقريب خدماتها من المواطنين جغرافيا و إجرائيا، و 

برفدها بكافة الموارد البشرية والوسائل المادية الضرورية لتصل إلى أعلى مستويات 

المهنية والشفافية وتكسب ثقة المتقاضين".

لقد اعطى هذا الوعد العهد أمال كبيرا للشعب الموريتاني الموقن بأنه ال أمن وال نماء و ال 

سلم بدون سلطة قضائية مستقلة و فعالة. 

و منذ الوهلة االولى انصب عمل الحكومة على توطيد استقاللية القضاء وتقريبه من 

المواطنين وتعزيز الكفاءات الضرورية من قضاة و اعوان قضاء ، وتحسين ظروف 

عملهم.

وفي هذا الصدد عملت وزارة العدل على بلورة مقاربة اصالحية تنطلق من أهداف الحكومة 

المرجعية التي تض منها بيان السياسة العامة للحكومة،و المتمثلة في: تعزيز االستقاللية، 

وتسريع الولوج للعدالة، و تكريس الضمانات الحقوقية، وجودة المخرجات. 

ولتعزيز االستقاللية عكفت الوزارة على مراجعة وتحيين النصوص المتعلقة بمهنيي القضاء

لتالئم المعايير الدولية الستقالل القضاء، و لتتم بذلك مراجعة االحكام المتعلقة بالعاملين 

بالقضاء من: قضاة ومحامين وخبراء و عدول وموثقين وكتاب ضبط، و هي المراجعة التي 

مكنت من دعم ضمانات االستقاللية المطلوبة وكرست جميع المعايير الدولية في هذا 

المجال. 

باإلضافة الى مراجعة شاملة للنصوص السارية المتعلقة بقوانين الموضوع و االجراءات 

و التي شملت مراجعة مدونة التجارة و االجراءات المدنية و اإلجراءات الجنائية، من أجل 

تشجيع اللجوء إلى الطرق البديلة لتسوية النزاعات ، وضع قانون تجاري فعّال يتماشى مع

المعايير الدولية و أفضل الممارسات فيما يتعلق بسجل التجارة، و قانون الشركات، و 

القانون المصرفي، و قانون اإلجراءات الجماعية، و تطبيق التوصيات المتعلقة بمكافحة 

غسل األموال و مكافحة اإلرهاب.

و  لمواءمة هذه النصوص مع المقتضيات الدولية لحقوق اإلنسان تم إلغاء المقتضيات 

المتعلقة باإلكراه البدني، و الغاء تجريم إصدار الشيك بدون رصيد، الذي أدى في السنوات 

الماضية الى ارتفاع مهول في جرائم إصدار الشيك بدون رصيد ،و افراغ الشيك من قيمته 

األدائية و استغالل العنصر الجزائي المترتب على اصدار ه.

ولتتم تلك المراجعة بصورة ناجعة تم إنشاء لجنة دائمة للتقنين بالوزارة تشكلت من فنيين 

أكفاء أسندت لها مهمة مراقبة القوانين. 

وفي المحور الخاص بترقية الولوج للعدالة، قامت الوزارة بتعزيز نظام المساعدة 

القضائية، بوضع كافة اآلليات التنظيمية المتعلقة بتسمية اللجان الخاصة بالمساعدة 

القضائية، وإطالق عملية تحسيس شامل لتوعية المواطنين، و و ضع النصوص الخاصة 

بالوسطاء و المصلحين. 

ومن أجل تسهيل الولوج للمعلومة القانونية بسهولة فقد تمت طباعة جميع النصوص 

القانونية التي يتطلبها العمل القضائي )20 نص قانون( وبشكل الئق على ميزانية الدولة، 

بعد إدخال جميع التعديالت التي أجريت عليها، وسيتم توزيعها في شكل حقائب قضائية 

يستفيد منها جميع العاملين في الحقل القضائي و المهتمين بالنشر القانوني. 

لقد مكنت هذه العملية من تحديث و تحيين و نشر الترسانة القانونية الوطنية. هذا باإلضافة 

 من ة القضاء التجاري والسجل التجاري بالتعاون مع شركائنا في التنمية، وإنشاء إلى 

رق

منصة رقمية بموقع وزارة العدل خاصة بنشر النصوص القانونية المحي نة. 

كما أسهمت سياسة الق رب التي ينتهجها القطاع في المجال السمعي البصري من خالل 

البرامج اإلذاعية و التلفزية التي ينعشها الفنيون القضائيون حول المواضيع القضائية الملحة 

في تعزيز الثقافة القانونية للمواطن وبشكل ملحوظ. 

و ألن جودة المخرجات رهينة بالتأهيل و التكوين الجيد للكادر العدلي فقد عمدت الوزارة 

الى تطبيق خطة متكاملة للتكوين المستمر ، وتنفيذ آليات التالقي و التواصل من خالل 

ورشات فنية أسهمت في تعميق النقاش بين كافة الفاعلين حول القضايا الملحة، كان أخرها 

الورشة المتعلقة بالنزاعات العقارية و قضاء األحداث، و هي اللقاءات التي ستنظم تباعا 

على مستوى الدوائر االستئنافية و ستبلور سياسة مرجعية في هذه المجاالت.

و بفضل التنفيذ الصارم لخطة القطاع الرامية الى اصالح مؤسسات السجون ومراكز 

االصالح فقد عمد القطاع الى تحسين ظروف االعتقال من خالل تقليص االكتظاظ المشاهد 

خالل السنوات الماضية، وتشجيع إعادة التأهيل و االدماج االجتماعي والمهني للسجناء

وذلك من خالل العملية الناجحة التي شملت تأهيل 100 مدان وتكوينهم على حرف مهنية 

بروصو. 

وال يكابر احد اليوم على نجاعة السياسة الوقائية الصارمة التي ينتهجها القطاع خالل جائحة 

كوفيد 19 على مستوى المحاكم والمؤسسات السجنية و التي تجعلنا نفتخر بفضل هللا بعدم 

تسجيل أي حالة وفاة بسبب كورونا بالفضاء العدلي او السجني او مراكز اإلصالح وهي 

فضاءات ذات ظروف خاصة. 

لقد ظلت الصورة الذهنية للمباني العدلية في نظر الدولة غير عاكسة لهيبة القضاء بسبب 

اهمال ترميم و تشييد هذه المباني وهو ما تطلب الشروع الفوري في تنفيذ خطة الوزارة 

المتعلقة بالب نى التحتية، وفي هذا االطار يأتي اكتمال قصر العدل بسيلبابي وسجن إنبيكه، و 

الشروع في بناء قصور محاكم الواليات ومن ضمنها محكمة والية نواكشوط الشمالية و 

الجنوبية و استئنافية آالك، ومحكمة مقاطعة الميناء، و بوتلميت ،و برمجة جميع محاكم 

المقاطعات مع القطاع المعنى باإلسكان وفق خطة ثالثية. 

إن التطبيق السليم و الصارم للخطة االستراتيجية الوطنية لولوج العدالة وفق منهجية 

تشاركية تؤدي إلى رسم األولويات في مجال النفاذ إلى العدالة، وتحديد األهداف القابلة 

للقياس التي يجب تحقيقها، كانت وراء ما نشهده اليوم من نجاح قطاعات تشترك مع قطاعنا 

في تنفيذ اهداف السياسة العامة للحكومة بتنسيق معالي الوزير األول، و هو ما جعل تلك 

القطاعات الحكومية بفضل قيام القطاع العدلي بمهمته خالل السنتين المنصرمتين من 

مأمورية العهد و الوفاء تحقق دون عناء مكاسب كبيرة فيما يتعلق باألمن و النماء 

االقتصادي. 

فبفضل المعالجات التشريعية و القضائية التي انتهجها القطاع لمحاربة الجريمة و 

االنحراف من خالل مراجعة المقتضيات المتعلقة بالعود الجنائي و االعتداءات المادية و 

الجسدية و المقتضيات الخاصة باألطفال المتنازعين مع القانون، و إعادة تنظيم االحكام 

المتعلقة باألسلحة النارية ذات العيار الخفيف و األسلحة البيضاء. تحققت مقاربة الحكومة 

المتعلقة باألمن و السكينة . 

ولن يخفى على ذي البصيرة ان تحسين مناخ االستثمار من خالل المراجعات التي تمت في 

المجال التجاري و السياسة الجنائية المتبعة من طرف النيابة العامة في مجال محاربة الفساد 

و غسل االموال اليوم تشكل دافعا قويا لتقوية االقتصاد و تشجيع المستثمرين . 

لقد شكل التعديل األخير المقدم من طرف وزارة العدل على المقتضيات المتعلقة بازدواجية 

عيةً ظلت الجنسية و التي ما فتئت تؤرق المواطنين المقيمين بالخارج حال جوهريا لوض

تلحق ضرر ا كبيرا بكثير من الموريتانيين الذين نجحوا نجاحا متميزا في االندماج

 

كمواطنين في بلدان أخرى و مرتبطين بوطنهم األصلي ، و التي ظلت تحرم موريتانيا من 

االستفادة من إسهامهم االقتصادي و الثقافي. وبفضل هذه التعديالت سيظلون محتفظين 

بجنسيتهم الموريتانية، ويسهمون في إنعاش االقتصاد الوطني، وهو ما يشكل اضافة نوعية 

في مجال النماء االقتصادي و الوئام الوطني. 

تلكم جهود من بين أخرى بذلت من أجل تنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية خالل هاتين 

السنتين الباك ورتين من مأموريته األولى: مأمورية العهد و الوفاء و التي يضطلع قطاع 

العدالة بالنصيب االكبر منها باعتباره منصة مهمة و اساسية من منصات االقالع الوطني. 

محمد محمود ولد الشيخ عبد هللا بيَّه

وزير العدل